05 يوليو، 2013

مصريتنا...




أصبح الهاتف الذي يدق في آذان المصريين (منذ عهدٍ ليس بقريبٍ) هاتفاً يسبق فيها ولاءُنا لأيديولوجياتنا وانتماءُنا الديني والطائفي، أصبح هذا الولاء يسبق انتماءَنا الأسبقَ زمناً والأعمقَ جذوراً والأكثرَ رسوخاً في الوجدان ألا وهو مصريتنا ! وهذا هو مانسعى أن يعود إلى الذهن والوجدان المصري..

فالمعتقد (ديني كان أم أيديولوجي)  لايُوَرَّث -وإن أردنا أن نقنع أنفسنا بغير ذلك فنحن واهمون والأجيال الجديدة تؤكد هذا- بل يظل المعتقد اختياراً قلبياً وقناعةً ترسخ في العقل عندما "ندرك معنى أن نختار"، ولكن مصريتنا تولد فينا ومعنا وتحيا طالما نحيا ولاتموت بموتنا بل تبقى في إرثٍ يرتبط بذِكرِنا أينما ذُكِرنا ويعيش طالما نحن في ذاكرة الناس والتاريخ مهما مر الزمن.

ومصريتنا ترفعنا وتترفع بنا عن ان نميِّز ما يأتي بعدها من انتماءات أُخَرْ وتتسامَى بنا عن أن نخُوضَ في بحر التفريق والفصل بين مصري ومصري بسبب أي اختلاف فكري أو عقائدي أو عرقي بينهما، وهذا ما نصر على تأكيده سواء سُمِّيَ بالمواطنة أو غير ذلك من مصطلحات الساسة وأهل الرأي.

مصريتنا تكفِي أن لا يكُنْ يوماً هناك أفضليةٌ لمصري على مصري إلا بكفائته في مجاله وقدرته على الإنجاز في مصلحة الوطن، مصريتنا تكفِي أن تغَيِّر الفكر الذي أفسد النسج الواحد والتآلف المشهود له من العالم وهو فكر التفريق والتمييز والعنصرية والطائفية الذي صنعته الأنظمة الحاكمة لتَسُدْ في الفُرقَة وتبَنَّتْهُ التنظيمات الطائفية لتكسب ودَّ فِرقة عن أُخرَى.

مصريتنا هي ملجأنا في عالم غرق في الطائفية وأشبع عطشه للدماء بالحروب القائمة على اختلاف أيديولوجية هنا عن أخرى هناك، مصريتنا هي التي يجب أن تُدرَك وتُعتنَق ويعود حبُّ الوطن كأسمَى أنواع الحب، والولاءُ له كأبقَى أنواع الولاء. مصريتنا في وقت أدرك فيه المصريون أن قدرتهم على صنع المعجزات باتت مستحيلة دون أن يتَّحدوا، فَيَوْمَ تحدث الوحدة هو يومٌ يرى العالم مذهولاً ماصَنَعَتْهُ وما كان يمكن أن تظل تصنعه تلك الوحدة ان استمرت.