27 يوليو، 2013

شهادتي عن سيارة الاتحادية المفخخة - السبت 26 يوليو 2013


وصلت لمحيط قصر الاتحادية في حوالي الساعة 7 مساء الجمعة 26 يوليو 2013 التي أطلق عليها جمعة "لا للإرهاب" اللي نزل فيها الشعب تجاوباً مع بيان القائد العام للقوات المسلحة (اللي طلب فيه تفويض من الشعب للجيش والشرطة باتخاذ اللازم في حالة لجوء المتطرفين الى العنف أو الارهاب)..
ونظرا للزحام الشديد قعدت حوالي نصف ساعة ألف بسيارتي شوارع الكوربة ومحيط القصر لأجد مكاناً لها.. وأخيراً وجدت مكانا أمام أحد مطاعم البيتزا (دومينوز) بشارع جانبي يطل على أحد جوانب القصر.. (امتداد ش ابراهيم اللقاني)

وأول ما نزلت من سيارتي قابلت مجموعة من الأصدقاء بيشتروا أكل من نفس المطعم.. وقفت معاهم نتكلم شوية وبعد دقائق سمعنا صوت طلقات نارية سريعة ومتتابعة، فجريت ناحية مصدر الصوت (بتهورنا الثوري المعتاد بعد سنتين من الكفاح والاشتباكات) فوجدت أحد ظباط الجيش يصرخ في الناس أن تبتعد وطلب منا أننا نساعده في ابعاد الناس عن المرور في الناحية دي من الشارع .. فساعدناه وكان الناس متجاوبين ..

سألت الظابط: "في ايه؟" .. كان مشدود ولم يرد.. فسألت أحد ضباط الداخلية فقال لي ان في عربية تم اكتشاف ان بها متفجرات.. سألته "عرفتوا ازاي؟؟" .. قال لي "الجهاز اكتشفها" وتركني لينادي ع الناس أن تبتعد..

كانت سيارة ذهبية اللون .. راكنة بجوار الرصيف الذي يقسم اتجاهي الشارع في الاتجاه اللي داخل الكوربة.. (يعني لو انت جاي من روكسي وقطعت شارع الأهرام وكملت ع طول العربية دي كانت راكنة جنب الجزيرة الوسطى ف الحتة اللي تقريبا قدام النسر اللي على سور الاتحادية) ولأننا كنا بعيدين بأوامر ضباط الجيش والشرطة اللي تجمهروا حول السيارة ماكانش في تفاصيل مرئية كتير تتشاف من بعيد.. وكانت حركة السيارات لسه ماشية في الحارة الاخرى (المتجهةلـ روكسي) - كما هو موضح بالصورتين اللي قدرت أصورهم بموبايلي:




الضباط بيكتروا ووصل آخرون وبدأوا في الدوران حول العربية وتصوير لوحاتها.. حتى وصل سيارة ونش زي بتوع المرور.. غالبا كانوا عاوزين يشيلوا العربية من المكان بس كان صعب لأن كان صف طويل من السيارات راكنة ورا بعض ومتلاصقين ..

ظل الوضع مليئاً بالتحفز والقلق وفي خلال نصف ساعة وصل ظباط أكتر وطلبوا ان الناس تبعد أكتر وبعدها وصلت عربية زي عربيات الشرطة (البوكس) لكن الصندوق الخلفي أصغر حجما ومغلق تماما ولونه أبيض وعرفنا أنها وحدة متخصصة في المتفجرات ..

نزل ناس وقعدوا يلفوا حوالين العربية وجابوا اجهزة وشدوا سلوك كهربائية رفيعة كده (على حد استطاعتي أن أرى من بعيد رغم اني كنت من أقرب الناس وكنت حاجز الجماهير ورايا بأمتار).. وبعدين كسروا زجاج السائق وفتحوا الكبوت .. وفجأة طلب الضباط بتوع الجيش والشرطة ان الناس تبعد أكتر بس المرة دي بعصبية .. فسمعنا الكلام وأبعدنا الناس أكتر والحواجز اللي كنا حاطينها رجعناها لورا حوالي عشرة متر كمان.. وساد الصمت إلا من أصوات ضوضاء الناحية التانية من القصر المليئة بالناس والألعاب النارية واصوات الهليكوبترات المحلقة على ارتفاعات منخفضة..

مرت بضع دقائق لكنها كانت طويلة لأن الناس كانت متحفزة وخايفة بما فيهم حتى الظباط .. وفجأة لقيناهم بيشاوروا لنا بنزع الحواجز وبعلامة ان كله تمام (thumbs up) فَـ جريت عند العربية وسألت أحدهم: "خلاص فكيتوها؟" .. قاللي: "آه خلاص أمان دلوقت" .. ومتخصصين النفجارات لـمّوا حاجتهم وركبوا عربيتهم الغريبة ومشيوا .. 

كانت الساعة حوالي 9 مساءاً.. ما كنتش عارف استعمل التويتر ف ساعتها عشان أحكي لحظة بلحظة بسبب ان ماكانش في شبكة بسبب الأعداد المهولة.. و أول ماقدرت كتبت بالانجليزي والعربي تويتات تقول اني عاينت الحدث ده .. لأجد الكثرين بيكذبوني وبعدها يصدر بيان أمني يقول انها كانت اشاعة !!

ان كان الأمن بيقول انها اشاعة دي مشكلتهم.. لكن أنا كنت واقف معاهم (شرطة وجيش) وكنت قريب بقدر الامكان للموضوع تقديراً مني ليهم وانهم بيخاطروا بحياتهم عشان أمان الناس التانية .. وقلت اذا حصل لهم حاجة انا أكيد هايجرالي زيهم .. وسبب اني كتبت تويتات هو اني أقول ان ده حصل وانهم نجحوا في انقاذ الآلاف من مصيبة ولهم كل الشكر والتقدير .. بغض النظر ان كان جالهم الأوامر بتكذيب الموضوع بعدها لأسباب أمنية أو أسباب أخرى..

دي شهادتي أكتبها تقديرا لهم و تسجيلا للحدث..

هاني فخري
الساعات الأولى من صباح السبت 27 يوليو 2013